بدأ من القرن الثامن ظهور هرطقات تنكر حقيقة التحول وهي مستمرة للآن وسط الكنائس البروتستانتية فهم يقولون أن الخبز والخمر يظلان بعد التقديس خبزًا بسيطًا وخمرًا بسيطة. وليسا هما سوى إشارة وصورة ورمزًا ومثالًا لجسد المسيح ودمه. ولنلاحظ:
أ. السيد المسيح قال "جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق" فكيف ننكر هذه الشهادة وراجع كل إصحاح (6) من إنجيل يوحنا مثلًا "من لم يأكل جسدي ويشرب دمي فليس له حياة أبدية" فهل كان الرب يقصد أن هذا رمز، وإذا كان يقصد فلماذا لم يوضح هذا، بل أنه عندما انصرف كثيرين عنه بسبب هذه الأقوال، قال يسوع للاثني عشر "ألعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا (يو66:6، 67). وكان أسهل على الرب أن يقول، أنتم لم تفهموا فما أقوله كان مجرد رمز، لكنه أصر على كلامه، ومن أراد أن يمضي فليمضي، ولكن هذا هو الحق، ومن أراد أن يقبل فليقبل. وكلمة حق في اليونانية تشير لشيء حقيقي لا يَزول. فالرب يقول عن نفسه أنه الخبز الحقيقي..الواهب حياة (يو6: 32، 33). فهل الخبز الذي نأكله في طعامنا العادي ليس خبزًا حقيقيًا؟! المقصود أن الخبز المادي مَنْ يأكله سوف يموت يومًا ما. ويقول القديس يوحنا في (يو1: 9) عن المسيح أنه النور الحقيقي، فهل نور الشمس ليس حقيقيًا؟! إنما المقصود أن نور الشمس سينطفئ يومًا ما، أما نور المسيح فأبدي. وهكذا فالخبز الإفخارستي ليس خبزًا عاديًا، بل هو سمائي ويُعْطي حياة أبدية.
ب. هل كان المسيح سيتكلم بألغاز وأمثال ليلة صلبه. ولماذا لم يسأله التلاميذ وقالوا "فسر لنا هذا المثل" كما تعودوا أن يسألوه حينما لا يفهمون ما كان يعنيه (مت13: 36)؟ لكن كان هذا لأن التلاميذ فهموا أن الموضوع يؤخذ حرفيًا وليس رمزيًا.
ج. الكنيسة كلها بآبائها فهمت أن ما يقدم هو جسد المسيح ودمه، وهكذا فهمه بولس الرسول (1كو10، 11).
د. يقول المعترضون أن المسيح حين يقول "الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي" (يو51:6) كان يقصد الإيمان به، فهل كان التلاميذ لم يؤمنوا به بعد. ولاحظ أن المسيح كرر نفس الكلام ليلة تأسيس السر، بأنه يعطيهم جسده ودمه، فهل كانوا مازالوا غير مؤمنين به.
د. يقول المعترضون أن المسيح حين يقول "الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي" (يو51:6) كان يقصد الإيمان به، فهل كان التلاميذ لم يؤمنوا به بعد. ولاحظ أن المسيح كرر نفس الكلام ليلة تأسيس السر، بأنه يعطيهم جسده ودمه، فهل كانوا مازالوا غير مؤمنين به.
ه. مارتن لوثر نفسه آمن بأن السر يحول الخبز إلى جسد.
و. قالوا أنه مجرد ذكرى لما فعله المسيح إذ قال "اصنعوا هذا لذكري". والشيء لا يكون تذكارًا لنفسه. فما يقدم هو خبز بسيط تذكارًا لما صنعه المسيح والرد:
1. كان طاس المن في تابوت العهد تذكارًا ويحوي منًا حقيقيًا (خر32:16-34) وهكذا أخذ يشوع من حجارة نهر الأردن تذكارًا لمرورهم فيه (يش1:4-24)
2. "المسيح فصحنا الجديد ذُبِحَ لأجلنا" (1كو7:5). وكما كان اليهود يُعَيِّدون بذبح خروف الفصح ليذكروا ما عمله الله معهم في مصر. هكذا نقدم ذبيحة الإفخارستيا دائمًا على المذبح لنُعِيد ما صنعه يسوع بأن مات لأجلنا.
3. وما كان يكفى اليهودي أن يضع الدم على باب بيته، بل كان عليه أن يأكل من لحم خروف الفصح. والنفس التى لا تأكل تقطع من شعبها. فوضع الدم على الباب كان يشير للإيمان، ومَنْ لم يضع الدم مات. ولكن أيضا من لا يأكل يهلك، والأكل من خروف الفصح هو إشارة للإفخارستيا.
4. المسيح كان يتكلم والفصح على الأبواب. واليهود كانوا يقدمون الفصح سنوياً مكررين نفس ما حدث ليلة الخروج من مصر، كما قال الكتاب "ويكون لكم هذا اليوم تذكاراً فتعيدونه عيداً للرب. في أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية" (خر14:12). هكذا يطلب المسيح بقوله "اصنعوا هذا لذكري" أن تقدم الكنيسة ذبيحة جسده دائماً على مذابح الكنائس. كما كانوا يكررون سنويا تقديم خروف الفصح. ولكن يبطل تقديم خروف الفصح الذي كان مجرد رمز. وتذكاراً هنا هي نفسها لذكري، هما كلمة واحدة. فكما كانوا يكررون ما حدث ليلة خروجهم من مصر بأن يذبحوا خروف الفصح ويأكلونه ولا يكتفوا بذبحه، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ويأكلون معه فطيرًا ، فالعجين كان لم يختمر ليلة خروجهم من مصر، ويأكلونه وهم متمنطقين. هكذا تصنعالكنيسة وتكرر نفس ذبيحة الإفخارستيا كل يوم على مذبحها. وكما كان الرب يقصد أن يكرر اليهود ما فعلوه ليلة خروجهم من مصر، هكذا تكرر الكنيسة ما فعله الرب يسوع ليلة خميس العهد.
5. إصنعوا هي كلمة طقسية تفيد تكرار الطقس "هكذا تعمل للثور الواحد (عد11:15) وتعمل هنا هي نفسها تصنع. وكذلك "وتصنع لهرون وبنيه هكذا بحسب كل ما أمرتك" وكان ما صنعه موسى مع هرون يتكرر تماما مع كل من خلف هرون في رياسة الكهنة (خر35:29). إذًا إصنعوا هذا تعني تكرار لطقس محدد صنعه الرب يسوع معهم في تلك الليلة. وبولس الرسول في (1كو11) يردد أنه يصنع ما تسلمه من الرب يسوع (قد يكون تسلمه من التلاميذ الذين تسلموا كيف يصنعون السر من الرب يسوع، وقد يكون تسلمه من الرب يسوع مباشرة وهذا هو الأرجح لأنه يقول تسلمت من الرب...).. فإنكم كلما أكلتم= وكلمة كلما تفيد تكرار صناعة هذا السر (1كو23:11-26).
6. لذكري = لو فهمنا أنها مجرد تِذْكَار، فهل يَغْفِر التِذكار الخطايا؟! أو أن ما يغفر الخطايا هو دم حقيقي، وقارن مع (مت26: 28). ويقول الرسول ".. وبدون سَفْك دم لا تحصل مغفرة" (عب9: 22).
7. من تعاليم نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة:- الذكرى تكون إما لشخص ميت نرى أحد متعلقاته فنتذكره، أو شخص حى قد غاب عنا لفترة طويلة وحضر فنتذكر قصتنا معه. والمسيح حي وهو فى وسطنا وفى الإفخارستيا يحضر وسطنا. ولم يقل الرب كلمة لذكرى سوى مع الإفخاستيا لأنه يحضر حضور حقيقى كذبيحة حية "خروف قائم كأنه مذبوح" حاضر حضور عينى. لذلك نصلى فى القداس قائلين "هوذا كائن معنا على هذه المائدة عمانوئيل إلهنا". وهذا ليس شئ معنوى فهو أتى بخبز وقال هذا هو جسدى. وهذا غير قوله "أنا هو الباب" فهذا قول معنوى، فهو لم يأتى بباب وقال أدخلوا منه وإصنعوا هذا لذكرى. وكلمة ذكرى هنا تفيد إعادة الحدث. ونحن فى القداس يكرر الكاهن نفس ما صنعه المسيح يوم خميس العهد وبنفس الكلمات.
ز. هل لو كان الخبز والخمر مجرد خبز بسيط وخمر بسيط، كانا يسببان المرض والموت لمن يأكل ويشرب بغير استحقاق (1كو29:11، 30) ويكون "غير مميز جسد الرب" ويكون "مجرمًا في جسد الرب ودمه" ولماذا لم يقل بولس الرسول يكون مجرمًا فيما يرمز إليه الخبز والخمر. إننا لا نجد أي إشارة في الكتاب لموضوع الرمز هذا.
ح. الرسول يقول خبز وخمر (1كو11) لأن هذا هو ما يظهر أمام أعيننا. وهكذا قيل عن الماء المتحول خمرًا في عرس قانا الجليل "فلما ذاق رئيس المتكأ الماء" (يو9:2). ومن حول الماء إلى خمر قادر أن يحول الخمر إلى دمه.
ط. هكذا قال عنها بولس الرسول أنها ذبيحة فهي تقدم على مذبح، إذ قال "لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون المسكن أن يأكلوا منه" (عب10:13) فإذا كان هناك مذبح فهناك ذبيحة. وهذه الذبيحة نأكل منها لنحيا. ويقول الرب فى سفر إشعياء"وأتخذ منهم كهنة ولاويين" (إش66 : 20 ، 21). أولا لو كان الكل كهنة كما يقول الإخوة البروتستانت فلماذا التمييز هنا بينة كهنة ولاويين. ثانيا طالما يقيم الله كهنة فهناك ذبيحة، لأن عمل الكاهن تقديم ذبيحة، والفعل يكهن معناه تقديم ذبيحة. والذبيحة هنا هى ذبيحة الإفخارستيا.
ي. طلب الله من موسى أن يقدم يوميا على المذبح تقدمة صباحية وتقدمة مسائية. كل منهما خروف محرقة + دقيق + خمر (عد28 : 1 - 8). وكان هذا رمزا لذبيحة المسيح على الصليب. ولكن لماذا تقدم واحدة فى الصباح وواحدة فى المساء؟ لأن المسيح قُدِّم على الصليب مساءً، وكما نعلم ورأينا أن الإفخارستيا هى إمتداد لذبيحة الصليب. وذبيحة الإفخارستيا تقدم نهارا. ونلاحظ أنه مع تقديم الخروف يقدم دقيق وخمر. ويسمى الله التقدمة طعامي فالإفخارستيا هى طعام يقدمه الله لنا لنحيا. ونلاحظ أيضا أننا نحيا الآن فى اليوم السابع للخليقة. وهذا اليوم السابع بدأ بسقوط آدم فى الخطية، وينتهى اليوم السابع بالمجئ الثانى للسيد المسيح، ليبدأ اليوم الثامن (الأبدى). وليل اليوم السابع ينتهى بظهور المسيح شمس البر ليبدأ نهار اليوم السابع. والمسيح قَدَّم نفسه ذبيحة دموية على الصليب - على الطقس الهارونى - فى نهاية مساء اليوم السابع ليكون بهذا ذبيحة مسائية. ومع بداية نهار اليوم السابع نجد المسيح يقدم ذاته ذبيحة حية -على طقس ملكى صادق- على شكل خبز وخمر أى الإفخارستيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق